17 - 07 - 2024

مؤشرات | مصر: إثيوبيا .. للصبر حدود

مؤشرات | مصر: إثيوبيا .. للصبر حدود

في بيان من وزارة الموارد المائية والرى أكدت مصر أنها سوف تراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وأنها تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حاله تعرضه للضرر .

هذه الكلمات تعتبر لغة جديدة عن بيانات سابقة حول ملف سد النهضة، خصوصا بعد فشل الاجتماع الرابع والأخير من مسار مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا مساء الثلاثاء 19 ديسمبر 2023 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

ووفقا ليبانات مصر عن الإجتماعات الأربعة التي جاء في إطار توافق الدول الثلاث خلال إجتماع بالقاهرة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد" على هامش اجتماع دول جوار السودان في 13 يوليو 2023، بضرورة الإسراع بالإنتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد في ظرف أربعة أشهر من هذا التاريخ.

من الواضح أن الموقف الإثيوبي لم يتغير بأي شكل على مدى الشهور الخمسة الماضية، والتي تجاوزت الفترة التي تم تحديدها لتجاوز الجمود في مفاوضات سد النهضة.

وعلى مدى الإجتماعات الأربعة تأكد أنها لم تسفر عن أي شئ بخصوص المخاوف المصرية والسودانية فيما يتعلق بملء سد النهضة وقواعد تشغيله، بل خلال الفترة قامت أديس أبابا بالملء الرابع في 10 سبتمبر الماضي، وهو ما بدى أنه ضرب  للمفاوضات قبل أن تنجز خطوة واحدة، وهو ما يعني وهم بذل الجهود الضرورية للانتهاء منه خلال 4 أشهر.

السياسة الإثيوبية يبدو أنها لن تتغير في ملف يمثل لمصر والسودان قضية أمن قومي، حيث تصر على إلحاق كل ما من شأنه الإضرار بمصر والسودان، والمساس  بالاحتياجات المائية لشعبي البلدين، وهو ما يتضح من كل عمليات ملء السد، دون أي إعتبار لما تم الإتفاق عليه بعدم الإضرار بالقاهرة والخرطوم خلال العام الهيدرولوجي 2023-2024.

بيان مصر كان واضحًا وضوح الشمس، من خلال التأكيد على أن اجتماع أديس أبابا لم يسفر عن أية نتيجة نظراً لاستمرار ذات المواقف الإثيوبية الرافضة عبر السنوات الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث.

 واستمرت مواقف أديس أبابا بالتمادي في النكوص عما تم التوصل له من تفاهمات تراعي مصالح كل الأطراف، وتنظر لمصلحتها فقط، بل الأخطر فعليا، هو ما كشف عنه بيان وزرة الري، من أن الجانب الإثيوبي يظل عازما على الاستمرار في استغلال الغطاء التفاوضي لتكريس الأمر الواقع على الأرض، والتفاوض بغرض استخلاص صك موافقة من دولتي المصب على التحكم الإثيوبي المطلق في النيل الأزرق بمعزل عن القانون الدولي .

وهذا ما دفع مصر إلى التحذير وبلهجة قوية، من أن القاهرة تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حالة تعرضه للضرر.

وتلك هي الرسالة التي يجب أن تدركها أديس أبابا، من أن مصر تفتح كل الخيارات للحفاظ على حقوق شعبها المائي، والذي يعتبر خط أحمر لا يقل عن مخاطر أخرى تحيط بالمنطقة.

الغريب في الأمر أن إثيوبيا خرجت عقب إعلان مصر فشل المفاوضات  لتلقي بالمسؤولية على الجانب المصري، حيث إدعت في بيان لوزارة الخارجية أن القاهرة "حرفت" مواقف أديس أبابا في المحادثات، بل وصل الأمر للقول بأن مصر وضعت حواجز أمام جهود التقارب، بل أضافت أن مصر غير مستعدة لتقديم تنازلات!.

فعن أي تنازلات تتحدث إثيوبيا بعد تأكيد مصر  مرارَا أنها مع حق أديس أبابا في التنمية، وتوفير مختلف سبل المساعدة في هذا الشأن، وطرح حلول فنية وقانونية لتأمين مصالح الدول الثلاث، ويجب أن تدرك إثيوبيا أن الدولة المصرية لها ثوابت في هذا الملف الإستراتيجي.

ربما تتخيل أديس أبابا أن انشغال مصر بالقضية الفلسطينية، والمجازر التي ترتكبها صديقتها إسرائيل ضد أهل غزة والضفة الغربية، سيلهيها عن قضية أمن قومي أخرى، تتعلق بحياة المصريين وتنمية بلادهم.

المؤكد أن إثيوبيا إن كانت تعتقد ذلك فهو وهم كبير.. ومصر على كل المستويات تعرف طريقها، وأن كل شئ له حدود.
---------------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | أفسحوا المجال للإبداع والإبتكار عربيًا